vendredi 13 juillet 2007

شرط البخاري ومسلم


قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتاب: (اختصار علوم الحديث)
فائدة: "أول من اعتنى بجمع الصحيح أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وتلاه
صاحبه وتلميذه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، فهما أصح كتب الحديث،
والبخاري أرجح؛ لأنه اشترط في إخراج الحديث في كتابه هذا أن يكون الراوي قد عاصر
شيخه وثبت عنده سماعه منه،
ولم يشترط مسلمٌ الثاني بل اكتفى بمجرد المعاصرة،
ومن
هنا ينفصل لك النزاع في ترجيح تصحيح البخاري على مسلم كما هو قول الجمهور، ... ".

بادئ ذي بدء، فالبخاري لم يفصح عن شرطه قطّ، إنما استنتج العلماء شرطه من تصرفه في صحيحه ومن تاريخه الكبير، وأول من علمتُه صرّح بشرط البخاري هو القاضي عِياض رحمه الله، وأن البخاري يشترط سماع كل راوٍ عن شيخه، ولو في إسناد من الأسانيد، يعني (مالك عن نافع عن ابن عمر) هذا إسناد ذهبي معدود من أصح الأسانيد مطلقاً، فمالك يشترط حتى يصحح روايته عن نافع أن يَرِدَ ولو في سند واحد أن يقول مالك: حدثني نافع أو أنباني نافع أي صيغة من الصيغ التي تحتمل السماع المباشر وكلمة (حدثنا) في اصطلاح العلماء يُعنى بها السماع المباشر
فالإمام البخاري قال: حتى أصحح رواية مالك عن نافع، أشترط أن يقول مالك في إسناد واحد- لا أطالبه بأكثر من ذلك- أن يقول حدثني نافع.


مسلمٌ عارض ذلك وأنكر أشدّ الإنكار هذا الكلام ونسب قائله إلى الجهل بمذاهب السلف في هذه المسألة، وهذا مما يقع على قلبي أن مسلماً ما قصد البخاري... فقال رحمه الله في مقدمة صحيحه: "والقول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديماً وحديثاً، أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثاً وجائز ممكن له لقاؤه و السماع منه، لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة. إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلقَ من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئاً، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبداً حتى تكون الدلالة على ما بينا"


المعاصرة البينة...فمصري عن مصري الاثنان طلاب علم، واحد شيخ مشهور وواحد تلميذ جاد في طلب العلم، من الطبيعي أن يلقاه، لاسيما في ذلك الزمان، الدولة نفسها تشجع على طلب العلم الشرعي
إذن المعاصرة البينة أن يروي أهل كل بلد عن أهل البلد، فعندما يقول مسلم "وجائز ممكن له" فقرن الجواز بالإمكان "لقاؤه والسماع منه فالحجة بروايته قائمة لازمة إلا أن يقوم دليل" على أن هذا لم يسمع من هذا أو أنه لم يلقه، طالما أن هذا الدليل غير موجود، والأمر على الإمكان


يعني معنى كلام مسلم: مثلا لو قلنا أن الليث بن سعد - وهذا أحد الأئمة المصرين الكبار من أقران الإمام مالك- والليث مثلا في القاهرة، ونحن طلاب علم، وأنا رويتُ عن الليث مثلاً، قلتُ: عن الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة، فقال إمام مثل يحيى بن معين، فلان [يعني أنا] لم يلق الليث؛ لأن هذا خرج من مصر سنة كذا، وذهب إلى العراق، ودخل الليث بن سعد مصر بعد خروج هذا إلى العراق، ولما رجع هذا من العراق كان الليث قد مات. إذن أين أكون قد سمعت منه؟ ، إذن نعمل بهذه الدلالة ونقول فلان لم يسمع فلاناً والإسناد منقطع.أما إّذا لم يعرف أنا متى خرجت إلى العراق ولا متى دخل الليث ولا متى رجعت إلى مصر، والأمر على الإمكان إذن الرواية صحيحة، حتى تقيم الدليل على أنني لم أسمع من الليث،


خلاصة الكلام أن شرط البخاري الذي نسب إليه لاشك أنه أضيق وأحكم، ولكننا إذا التزمناه ستضيع علينا أحاديث كثيرة لم نقف فيها على موضع السماع من فلان عن فلان، مع إمكان السماع، فإذا كان شرط البخاري أضيق، لكن شرط مسلم صحيح ولا إشكال فيه، وشرط البخاري أضيق ولا نختلف أيضاً على انه أقوى، ولكن شرط مسلم قوي أيضاً


الصحيحين ينبغي أن نعلم أن جمهور متون الصحيحين صحيح، إذن حين انتقد العلماء على الشيخين، انتقدوا ماذا؟ 99% انتقاد إسنادي، مثلاً، يروي أحدهم حديثاً عن الزهري عن ابي سلمة عن عائشة فيقول الدارقطني مثلاً: لا بل الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وليس من عائشة، فيجعل الحديث من مسند أبي هريرة وليس من مسند عائشة، فالبحث إسنادي فقط وليس متنياً.

إذن المتأخرين الذي يتخبطون الآن يتحدثون عن الأسانيد أم عن المتون؟ عن المتون طبعاً، لأنهم لا يفهمون شيئاً في الأسانيد، ولو قرأ الإسناد [لخلط وتخبط] فلا يعرف قراءة أسماء الرجال قراءة صحيحة، يعني لو فتح كتاباً وأحب أن يقرأ ويجرب حظه، إنما كل كلامهم عن المتون التي اتفق أهل العلم على صحتها
أبي إسحاق الحويني

Aucun commentaire: